تشكل الألغام ومخلفات الحروب تهديدا مباشرا للصوماليين، ويتنامى هذا التهديد في ظل تباين المبادئ والمصالح والأطماع المحلية والإقليمية والدولية حيال المشهد في الصومال المأزوم أصلا.
ومن بين المناطق المتضررة بالألغام ومخلفات الحروب تبرز المناطق الحدودية الفاصلة بين الصومال وإثيوبيا، ومنطقة باي وشبيلي السفلى ومقديشو ومنطقة شرق بونتلاند التي دارت فيها أشرس المعارك بين مقاتلي الاتحاد الإسلامي ومليشيات قبلية موالية للعقيد عبد الله يوسف في عام 1992.
وتوجد في تلك المناطق كميات كبيرة من الألغام المضادة للأفراد والمركبات وفق آخر مسح أجرته الأمم المتحدة في عام 2008.
وقدرت المنظمة الأممية عدد المتأثرين بالألغام بحوالي 718 بمناطق هيران وسط البلاد وباي وبكول الواقعتين جنوب غربي الصومال، إضافة إلى67 شخصا في منطقة أفغوي، كما تم العثور على كميات كبيرة من الألغام المزروعة في المراعي، والطرقات الرئيسية في محافظتي سول وسناغ ببونتلاند.
خطر المتفجرات
وخلص تقرير صدر في مارس/آذار 2007 عن مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام لأغراض إنسانية إلى أن المتفجرات من مخلفات الحروب المنتشرة في معظم أنحاء الصومال أكثر خطورة من الألغام المضادة للأفراد والسيارات، وكررت الأمم المتحدة في مارس/آذار 2011 تحذيراتها من أن المتفجرات من مخلفات الحرب تشكل أكبر مشكلة في الصومال وتتجاوز خطورتها الألغام.
ولا تملك الحكومة الانتقالية رؤية إستراتيجية واضحة لإزالة الألغام نتيجة الاضطرابات الأمنية وحروبها الشرسة مع حركة الشباب المجاهدين ، وفق مدير وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.
في المقابل، أكدت ما تعرف بجمهورية أرض الصومال التزامها بإزالة الألغام نهائيا من البلاد بحلول 2016 عبر إستراتيجية محددة، تقوم على تطهير جميع حقول الألغام المنتشرة في البلاد وتضمين المناهج الدراسية مادة تعنى بالتوعية بمخاطر الألغام إضافة إلى دعم ضحايا الألغام والتشريعات المتصلة بحظرها.
ويوجد ما بين أربعمائة ألف وثمانمائة ألف لغم أرضي مزروع في الفترة بين عامي 1988 و1991، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ويرى محمد عبد الله، أحد القيادات العسكرية للحكومة الانتقالية، أنه رغم تعاون الأمم المتحدة مع أجهزة الشرطة التابعة للحكومة الانتقالية وبونتلاند وأرض الصومال وغلمدغ، إلا أن غياب إستراتيجية مشتركة بين مختلف الأطراف الصومالية يقلل من أهمية تلك الجهود نتيجة انهيار الدولة الصومالية.
وتحتل الصومال المرتبة العاشرة من بين الدول التي تواجه خطر انتشار الألغام ومخلفات الحروب بعد كل من مصر وإيران وأنغولا وأفغانستان والعراق وكمبوديا والكويت والبوسنة وموزمبيق.
وأحرزت قوات حفظ السلام الأفريقية تقدما ملموسا خلال عام 2011 بتدميرها 12 ألف قطعة من الذخائر غير المتفجرة، وإزالة أكثر من ستة آلاف من الألغام المضادة للأفراد وفق تقديرات الأمم المتحدة، وقد وصلت خدمات هذه القوات إلى جميع أحياء مقديشو الستة عشر إثر انسحاب حركة الشباب المجاهدين منها.
كما دمرت شرطة بونتلاند خلال العامين الماضين 2455 من المواد المتفجرة و380 لغما مضادا للأفراد والسيارات، وعموما تمكنت إدارة بونتلاند من تدمير سبعين طنا من المتفجرات منذ عام 2008، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
اتهام
وتتهم حركة الشباب المجاهدين القوات الأفريقية بزرع حقول من الألغام المضادة للأفراد في محيط المواقع التي تتمركز فيها، وتحدث المكتب الإعلامي للحركة عن إطلاق القوات الأفريقية الصواريخ والقذائف باتجاه الأحياء السكنية وأسواق مقديشو، أثناء سيطرة الحركة على أغلب أحياء العاصمة في فترة سابقة.
وأكد المكتب استمرار قصف القوات الأفريقية على حي دينيلي بمقديشو، وعثور الحركة على 13 قذيفة لم تنفجر أطلقتها قوات أميسوم خلال الشهر الجاري باتجاه الحي المنكوب، وأشارت الحركة إلى أن تلك القذائف تشكل تهديدا لحياة المواطنين.
ونفت الحركة اتهامات الحكومة الانتقالية إليها باستهداف المدنيين عبر تفجير السيارات المفخخة والألغام.
لكن مستشار الحكومة الصومالية والناطق الرسمي باسمها عبد الرحمن عمر عثمان حمَّل حركة الشباب المجاهدين المسؤولية عن التفجيرات وزرع الألغام في الطرقات الرئيسية والأماكن العامة والمقرات الحكومية، ووصف هجمات الحركة بغير الإنسانية.
وقال عثمان للجزيرة نت إن الحركة غيرت، بعد انسحابها من مقديشو في أغسطس/آب 2011، تكتيكاتها العسكرية ولجأت إلى استخدام أساليب قتالية أكثر كارثية على المدنيين.
وأشار في الوقت نفسه إلى تراجع خطورة الألغام والسيارات المفخخة بمقديشو عقب سيطرة القوات الصومالية عليها، مضيفا أن حركة الشباب المجاهدين لا تزال تشكل تهديدا في العاصمة.
وأقر عثمان بوجود كميات كبيرة من الألغام ومخلفات الحروب بمعظم أنحاء البلاد، مطالبا المجتمع الدولي بتقديم المساعدة للصومال لإنقاذ الأجيال القادمة.
المصدر: الجزيرة
تعليقات
إرسال تعليق