لا يمكن أن يتشابه حلمان كما لا يمكن أن تتشابه زهرتان

تشابه الاحلام
لا يمكن أن يكون ثمة شخصان في الحالة نفسها في الوقت نفسه كما أن الرموز الإيحائية نفسها لا يمكن أن تنقل انطباعات متشابهة ولا يكون الحلم نفسه في درجة الفعالية نفسها في مختلف الحالات سواء أكان الأمر حباً أم عملاً، مع الشخص نفسه. ويختلف إدراك الإنسان لحلمه كما هو الحال في ساعات يقظته.
فأنت لن تجد الأريج في الزهرة في كل الأوقات مع أن التأثيرات نفسها تحيط بك. لذا يجب استخدام أحلام مختلفة لأشخاص مختلفين لنقل المعنى نفسه. والخليقة وهي واثقة من قدرتها على خلق نماذج كاملة لا تقبل الرتابة في عملها ونتيجة لذلك فإن الإدراك الحسي للإنسان أو رحيق الأزهار إنما ينبعان من قالب وشكل واحد للذكاء أو الجمال أو الروعة، وينسحب هذا التنوع على عملية الخلق بكاملها. قد تظن أن أحلامك متشابهة، غير أن ثمة اختلافاً ما باستمرار فالطبيعة دائمة التبدل في تركيبها وعناصرها. لذا فمن المسلم به أن تختلف الأحلام حتى في تفاصيلها، وهذا التبدل لن يؤثر على ما يصيب مختلف الناس من أحزان وأفراح، وبالتالي فإن هذه الأحلام تصلح للجميع.
فالأشخاص ذوو الأمزجة المتشابهة سيتأثرون عميقاً بحلم معين أكثر مما يتأثر به أناس آخرون، وقد تختلف الأحلام في التفاصيل، إلا أنها من حيث الظاهر تبدو متشابهة تماماً مثلما نطق على زهرتين متشابهتين تسمية زهرتين مع أنهما غير متشابهتين. فإذا حلمت فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها وفتاة في الخامسة عشر بالزواج، يصح التعريف نفسه على الفتاتين تماماً كما لو أنهما معاً ستقتربان من زهرة وتشمانها بطريقة مختلفة. ستتملكهما تأثيرات مختلفة بشكل لا شعوري رغم أن الشكل الخارجي متشابه. ثمة فتاة لا نعرف عمرها رأت حلماً وحذرها من مشاكل على وشك أن تحيق بها في حين أن فتاة أخرى تلقت في نومها التحذير نفسه ولكن برموز مختلفة ، فشلت في استيعابها وتذكرها في يقظتها لذا لم تعتقد أنها تلقت تحذيراً في حلمها.
هناك أناس في هذا العالم يفتقدون القوى الذاتية أو المادية أو الروحية. وبالتالي لا يرون أحلاماً بصرف النظر عن رموزها حيث أنه تعوزهم القوى الداخلية واستيعاب هذه الإيحاءات. وهناك أسباب عديده لهذا، كالحاجة إلى التذكر والضعف المادي بسبب مشاكل عصبية وعدم الإيمان مطلقاً بأي تحذير أو رؤى تحمل في ثناياها رسالة لهم. ومن غير المعقول أن تحلم بشيء ليلاً ويتحقق الشيء نفسه تماماً في اليوم التالي. إنه الإحساس الأعلى أو الروحاني الذي يعيش أو يستوعب المستقبل الحتمي أمام العقل المادي والجسد الروحي هو الذي يواجه أولاً المستقبل الآتي، وهو حاضر معه في حين أنه لا يزال مستقبلاً بالنسبة للجسد المادي. ولا ندري لماذا لا يستوعب الإنسان الأحداث القادمة في وقت مبكر.
وهو لا يستعين برؤاه الداخلية بالدرجة التي يعتمد فيها على حواسه الخارجية. لقد لجأنا إلى مثل هذا الإسلوب في التفسير لأن الإنسان يضعف قوته الروحية عند اهتمامه بحواسه المادية وهو يتشبث بالمسرات والملذات ومجون العالم المادي إلى درجة إقصاء الروحانيات.
إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم