لما استخلف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وفدت إليه الشعراء كما كانت تفد إلى الخلفاء قبله، فأقاموا ببابه أياماً لا يأذن لهم بالدخول، حتى قدم عون بن عبد الله بن عنبة بن مسعود على عمر بن عبد العزيز، وعليه عمامة قد أرخى طرفيها، وكانت له منه مكانة، فصاح به جرير:
يا أيها الرجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أني لدى الباب كالمصفود في قرن
وحش المكانة من أهلي ومن لدى ... نائي المحلة عن داري وعن وطني
قال: نعم أبا حزرة ونعمى عين. فلما دخل على عمر، قال: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء ببابك، وأقوالهم باقية وسنانهم مسنونة؛ قال: يا عون: مالي وللشعراء؛ قال: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم: قد مدح وأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم؛ قال: ومن مدحه؟ قلت: عباس بن مرداس، فكساه حلة قطع بها لسانه؛ قال: وتروي قول؟ قلت: نعم:
رأيتك يا خير البرية كلها ... نشرت كتاباً جاء بالحق معلما
ونورت بالبرهان أمراً مدمساً ... وأطفأت بالبرهان ناراً مضرما
فمن مبلغ عني النبي محمداً ... وكل امرئ يجزى بما قد تكلما
تعالى علواً فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما
قال: صدقت، فم بالباب منهم؟ قلت: ابن عمك عمر بن أبي ربيعة؛ قال: لا قرب الله قرابته ولا حيا وجهه، أليس هو القائل:
ألا ليت أني يوم حانت منيتي ... شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كله ... وليت حنوطي من مشاشك والدم
ويا ليت سلمى في القبو ضجيعتي ... هنالك أو في جنة أو جهنم
فليته والله تمنى لقاءها في الدنيا، ويعمل عملاً صالحاً، والله لا دخل علي أبداً؛ فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جميل بن معمر العذري؛ قال: هو الذي يقول:
ألا ليتنا نحيا جميعاً وإن نمت ... يوافي لدى الموتى ضريحي ضريحها
فما أنا في طول الحياة براغب ... إذا قيل قد سوي عليها صفيحها
أظل نهاري لا أراها ويلتقي ... مع الليل روحي في المنام وروحها
اعزب به، فوالله لا دخل علي أبداً، فمن غير من ذكرت؟ قلت: كثير عزة؛ قال: هو الذي قال:
رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا لعزة راكعين سجودا
يا أيها الرجل المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه ... أني لدى الباب كالمصفود في قرن
وحش المكانة من أهلي ومن لدى ... نائي المحلة عن داري وعن وطني
قال: نعم أبا حزرة ونعمى عين. فلما دخل على عمر، قال: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء ببابك، وأقوالهم باقية وسنانهم مسنونة؛ قال: يا عون: مالي وللشعراء؛ قال: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم: قد مدح وأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم؛ قال: ومن مدحه؟ قلت: عباس بن مرداس، فكساه حلة قطع بها لسانه؛ قال: وتروي قول؟ قلت: نعم:
رأيتك يا خير البرية كلها ... نشرت كتاباً جاء بالحق معلما
ونورت بالبرهان أمراً مدمساً ... وأطفأت بالبرهان ناراً مضرما
فمن مبلغ عني النبي محمداً ... وكل امرئ يجزى بما قد تكلما
تعالى علواً فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما
قال: صدقت، فم بالباب منهم؟ قلت: ابن عمك عمر بن أبي ربيعة؛ قال: لا قرب الله قرابته ولا حيا وجهه، أليس هو القائل:
ألا ليت أني يوم حانت منيتي ... شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كله ... وليت حنوطي من مشاشك والدم
ويا ليت سلمى في القبو ضجيعتي ... هنالك أو في جنة أو جهنم
فليته والله تمنى لقاءها في الدنيا، ويعمل عملاً صالحاً، والله لا دخل علي أبداً؛ فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جميل بن معمر العذري؛ قال: هو الذي يقول:
ألا ليتنا نحيا جميعاً وإن نمت ... يوافي لدى الموتى ضريحي ضريحها
فما أنا في طول الحياة براغب ... إذا قيل قد سوي عليها صفيحها
أظل نهاري لا أراها ويلتقي ... مع الليل روحي في المنام وروحها
اعزب به، فوالله لا دخل علي أبداً، فمن غير من ذكرت؟ قلت: كثير عزة؛ قال: هو الذي قال:
رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا لعزة راكعين سجودا
تعليقات
إرسال تعليق