كتب ويليام هيغ :
استضافت بريطانيا مؤتمرا دوليا كبيرا حول الصومال، حضره رؤساء حكومات وممثلين عن 50 دولة ومنظمة، بمن في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام للاتحاد الأفريقي جون بنغ، والأمين العام لجامعة الدول العربية د.نبيل العربي، إلى جانب وفد كبير من القادة الصوماليين. وقد اتفقنا جميعاً على أن الوقت بات مناسباً للنظر بعدد من الخطوات العملية، التي تهدف إلى مساعدة الصومال لمعاودة الوقوف على أرجلها.
خطوات وتدابير
أكدنا بداية على أن الحكومة الانتقالية في الصومال يجب أن تنتهي ولايتها في شهر أغسطس، وضرورة عدم التمديد لها أكثر من ذلك، كما أن الشعب الصومالي عليه ان يقرر الشكل الذي ستكون عليه مؤسساته السياسية مستقبلاً ـ وبالتالي أكدنا ضرورة أن تكون العملية السياسية شمولية وممثلة للجميع، كما اتفقنا على ضرورة أن تكون العملية السياسية مفتوحة أمام كل من لديهم استعداد لنبذ العنف، بما في ذلك المناطق التي تقع حالياً تحت سيطرة حركة الشباب. واتخذنا كذلك تدابير بناء على قرار رؤساء الدول الأفريقية بتشكيل لجنة ادارة مالية مشتركة بهدف تنمية القدرات على ادارة الأموال العامة، هدفنا هو وضع آلية تعمل على خفض الفساد وإعادة الثقة وضمان أن أموال الصوماليين والجهات المانحة تنفَق بشكل مناسب وبشفافية على توفير الخدمات للشعب الصومالي.
قرار دولي جديد
كما أن من الضروري إحلال الأمن لأجل إحراز تقدم على الصعيد السياسي، لهذا السبب وافق المجتمع الدولي على مساعدة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) على توسيع جهودها خارج مقديشو لزيادة مواجهتها للتحديات المتمثلة في حركة الشباب، وقد تمت الموافقة على قرار دولي جديد بزيادة عدد القوات المشاركة في البعثة من 12.000 الى 17.731، الى جانب توفير معدات جديدة.
واتجهنا أيضاً لتقديم الدعم للمناطق التي تشهد استقراراً نسبياً في الصومال، حيث اتفقنا على مبادئ لتقديم المساعدات وتأسيس صندوق جديد لتسوية الخلافات على المستوى المحلي، وتوفير فرص العمل والخدمات الأساسية التي يحتاج إليها مواطنو تلك المناطق، ودعم تطوير السلطات المحلية وقد اعلنت الحكومة البريطانية عن المساهمة بتقديم 15 مليون جنيه استرليني وحذت حذوها عدة دول اخرى.
تحديات الإرهاب والقرصنة
وناقش المؤتمر كذلك، التحديات المتمثلة في الإرهاب، وهو تهديد يواجهه الشعب الصومالي والمنطقة والعالم ككل على نطاق واسع، حيث اعتبر أن من الأولوية عرقلة تنقل الإرهابيين من والى الصومال، وكذلك عرقلة سبل تمويلهم، كما سنقدم الدعم لنظام العدل الجنائي في الصومال.
اما فيما يتعلق بالقرصنة، فستعمل الحكومة البريطانية وحكومة سيشيل على تأسيس مركز اقليمي جديد لمكافحة القرصنة بدعم من شركاء آخرين، حيث يعمل المركز على ملاحقة زعماء القرصنة والمتفاوضين على دفع الفدية والوسطاء، وذلك بهدف كسر دائرة عملية القرصنة، كما تم التوصّل إلى عدد من الاتفاقيات بين الدول بهدف التسهيل على دول المنطقة لمحاكمة من يشتبه بتورطهم في أعمال القرصنة، ومن ثم تحويلهم الى السجون في الصومال.
التصدي للمجاعة
وقد واجهت الصومال مجاعة كبيرة خلال العام الماضي، وقد سلط المؤتمر الضوء كذلك على ضرورة مواصلة الجهات المانحة من انحاء العالم الاستجابة بسخاء لهذه الأزمة، وتقديم المساعدات على اساس مدى الحاجة لها، ورغم الانباء الايجابية من الامم المتحدة بأن ظروف المجاعة قد انتهت، فإن الوضع الانساني ما زال مقلقاً جداً، حيث إن 2.34 مليون شخص ما زالوا متأثرين بالمجاعة.
تمثل هذه التدابير في مجملها محاولة لتغيير الاوضاع في الصومال من تدهور متواصل الى استقرار وأمن متناميين تدريجيا، لكن يجب ألا يساورنا اي وهم بشأن المدة الطويلة التي سيستغرقها تحقيق ذلك، وبالتالي فلابد أن يكون تعاملنا مع تلك الاوضاع بموضوعية وعقلانية، فليس باستطاعتنا تغيير الأوضاع في الصومال من خلال عقد مؤتمر واحد، ومستقبل الصومال يكمن في النهاية في أيدي الصوماليين أنفسهم.
بقلم ويليام هيغ *
* وزير الخارجية البريطاني
المصدر: القبس
تعليقات
إرسال تعليق