لندن (رويترز) - هددت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الخميس بفرض عقوبات على أي طرف يعرقل الاصلاحات التي تستهدف انهاء الصراع الدموي في الصومال والتصدي لجماعات المتشددين والقراصنة الذين يمثلون تهديدا متزايدا للامن العالمي.
وطالبت كلينتون في كلمة أمام مؤتمر يهدف الى احياء المحاولات الدولية لانهاء الفوضى التي تجتاح الصومال منذ 20 عاما ببذل جهود أكبر لقطع الدعم المالي عن حركة الشباب المتشددة المرتبطة بالقاعدة التي تحارب الحكومة الانتقالية الضعيفة في الصومال.
ولكنها حذرت في ردها على سؤال لصحفي من شن ضربات جوية غربية على مناطق في الصومال تسيطر عليها حركة الشباب مضيفة أنه لا يوجد مبرر لان يفكر أحد في شن هذه الهجمات. وقال أندرو ميتشل وزير التنمية الدولية البريطاني لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي.) ان بلاده "لا تخطط لشيء من هذا القبيل."
وحركة الشباب هي الاقوى بين مجموعة من الحركات المتشددة التي نشأت اثناء الصراع الدائر في الصومال على مدى 20 عاما والتي ساهمت في تخريب محاولات سابقة للتوصل الى تسوية سياسية وتسببت في اطالة أمد الحرب وعدم الاستقرار والمجاعة في البلاد.
وقالت كلينتون أمام المؤتمر الذي عقد ليوم واحد في لندن وضم زعماء ووزراء من نحو 40 دولة افريقية وعربية وغربية "موقف الولايات المتحدة واضح.. لن نتسامح مع أي محاولات لمنع التقدم والابقاء على الوضع الراهن."
ومضت تقول "سنشجع المجتمع الدولي على فرض المزيد من العقوبات بما في ذلك حظر السفر وتجميد الاموال على أشخاص داخل الحكومة الانتقالية وخارجها ممن يسعون لتقويض سلام الصومال وأمنه أو تعطيل أو حتى منع الانتقال السياسي."
وقال بيان صادر عن المؤتمر ان المشاركين اتفقوا على "التحرك ضد من يفسد عملية السلام وسندرس اقتراحات" قبل مؤتمر للمتابعة سيعقد في اسطنبول في يونيو حزيران القادم.
ورفضت حركة الشباب في بيان مؤتمر لندن ووصفته بأنه جزء من "حملة صليبية منظمة ضد المسلمين في الصومال" وتعهدت بالقتال لاقامة حكم اسلامي.
وقال الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد ان الصوماليين يريدون التخلص من "ذكريات الماضي المروعة" لكنهم يخشون أن يكون مؤتمر لندن مجرد مكلمة دبلوماسية أخرى.
وقال "اليوم نتطلع الى الامن. نحن خائفون." وتابع "نريد أن نعرف ماذا تم بشأن القرارات وكل هذه الامال في الماضي التي لم تر النور قط والتي لا تزال مجرد كلمات على الورق."
ورحبت كلينتون ومتحدثون اخرون باتفاقية 17 فبراير شباط بين الزعماء الصوماليين حول خطط بشأن تشكيل برلمان ومجلس تأسيسي ليحلا محل الحكومة الانتقالية عندما تنتهي فترتها في أغسطس اب المقبل.
وفي تصريح من المحتمل أن يثير الاهتمام في مقديشو أشارت كلينتون الى امكانية اقامة "وجود دبلوماسي دائم بشكل أكبر في الصومال" مع تحسن الاوضاع الامنية.
وفي الوقت الحالي يقيم الدبلوماسيون الامريكيون المكلفون بالشأن الصومالي في كينيا المجاورة. وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في الصومال عام 1991 وهو العام الذي شهد انهيار الصومال الى ميليشيات وعشائر وفصائل متحاربة بعد الاطاحة برئيسه محمد سياد بري.
وتشير تقديرات اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى أن ما يصل الى مليون شخص قتلوا منذئذ.
وعشية مؤتمر لندن حصلت الحكومة الانتقالية في الصومال على دعم قوي عندما صوت مجلس الامن التابع للامم المتحدة على قرار يسمح بزيادة قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي هناك بمقدار النصف تقريبا لتعزيز هجوم عسكري على المتمردين الاسلاميين في البلاد.
واعتمد المجلس بالاجماع قرارا بزيادة حجم القوة من 12 ألف رجل الى 17731 جنديا وشرطيا.
لكن بعض الخبراء يخشون أن تؤدي الحملة العسكرية على حركة الشباب الى تبديد طاقات الحكومة الانتقالية الاتحادية التي ينظر اليها على نطاق واسع باعتبارها هيئة فاسدة تعاني من سوء الادارة والخلافات الداخلية.
وقالت كلينتون انه تم اضعاف حركة الشباب لكن هناك حاجة لمواصلة الضغط. ومضت تقول "ان الحركة حولت جنوب وسط الصومال على وجه خاص من وضع سيء بالفعل الى كابوس. انها تقتاد الاباء والابناء من بيوتهم وتجبرهم على القتال في صراع دموي ميئوس منه."
وأضافت كلينتون أنه لا يوجد أساس منطقي عسكري لشن ضربات جوية على حركة الشباب قائلة ان قوة حفظ السلام الافريقية وقوات الحكومة الانتقالية الاتحادية تقوم "بعمل جيد جدا" ضد الحركة.
ولكن خبراء أمنيين يقولون ان لديهم شكوكا في أن طائرات أمريكية بدون طيار استخدمت في محاولة لتحديد مواقع بدقة في هجمات استهدفت أفرادا في الصومال يشتبه بأنهم أعضاء في القاعدة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمام المؤتمر ان الاخفاق في انهاء الفوضى في الصومال سيعرض الامن العالمي للخطر قائلا ان مشكلات الصومال "تؤثر علينا جميعا".
ومضى يقول "في بلد لا يوجد فيه أمل تزدهر الفوضى والعنف والارهاب. القراصنة يعطلون مسارات التجارة الحيوية ويخطفون السائحين."
وأعلن كاميرون عددا من مبادرات الاغاثة والتنمية بما في ذلك اقتراح بتشكيل قوة تدخل دولية لمواجهة مسألة خطف السفن للحصول على فدية وهو الاسلوب الاساسي الذي يستخدمه القراصنة الذين يخطفون السفن وأفراد طواقمها من المحيط الهندي وخليج عدن.
واتفق كثير من مراقبي الاوضاع في الصومال مع ما بدا شكوكا من الرئيس شيخ شريف بشأن الفائدة من اجتماع لندن واشاروا الى التاريخ الحافل بالاخطاء للتدخل الخارجي في الصومال.
وقالت حنة واديلوف محللة الشؤون الافريقية لدى شركة ايه.كي.اي الامنية "يمكن ان يكون المرء محقا في القول بأن... وجود "دولة فاشلة" في الصومال بشكل مستمر انما يرجع الى تدخل المجتمع الدولي وهو العكس تماما لقول كاميرون انه تم تجاهله."
وأضافت أن حاجة بريطانيا لمعالجة المخاوف من الارهاب في العام الذي ستنظم فيه دورة الالعاب الاولمبية في الصيف القادم ربما كانت الدافع الرئيسي وراء عقد المؤتمر.
من أرشد محمد وويليام ماكلين
(شارك في التغطية تيم كاسل وأدريان كروفت وبيتر ايبس وجوناثان سول وريتشارد لو وباتريك وورسنيب
المصدر: رويترز
تعليقات
إرسال تعليق