الجزء الثاني
رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَـةٌ |
بِجَـسِّ النُّـدامَى بَضَّةُ المُتَجَـرَّدِ |
إِذَا نَحْـنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنَـا |
عَلَـى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَـدَّدِ |
إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا |
تَجَـاوُبَ أَظْـآرٍ عَلَى رُبَـعٍ رَدِ |
وَمَـا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِـي |
وبَيْعِـي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَـدِي |
إِلَـى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَـا |
وأُفْـرِدْتُ إِفْـرَادَ البَعِيْـرِ المُعَبَّـدِ |
رَأَيْـتُ بَنِـي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِـي |
وَلاَ أَهْـلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَــدَّدِ |
أَلاَ أَيُّها اللائِمي أَشهَـدُ الوَغَـى |
وَأَنْ أَنْهَل اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِـدِي |
فـإنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْـعُ دَفْعَ مَنِيَّتِـي |
فَدَعْنِـي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَـدِي |
وَلَـوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَـى |
وَجَـدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُـوَّدِي |
فَمِنْهُـنَّ سَبْقِـي العَاذِلاتِ بِشَرْبَـةٍ |
كُمَيْـتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِــدِ |
وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبــاً |
كَسِيـدِ الغَضَـا نَبَّهْتَـهُ المُتَـورِّدِ |
وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ |
بِبَهْكَنَـةٍ تَحْـتَ الخِبَـاءِ المُعَمَّـدِ |
كَـأَنَّ البُـرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَـتْ |
عَلَى عُشَـرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّـدِ |
كَـرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَـهُ فِي حَيَاتِـهِ |
سَتَعْلَـمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّـدِي |
أَرَى قَبْـرَ نَحَّـامٍ بَخِيْـلٍ بِمَالِـهِ |
كَقَبْـرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَـةِ مُفْسِـدِ |
تَـرَى جُثْوَنَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَـا |
صَفَـائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّــدِ |
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِـي |
عَقِيْلَـةَ مَالِ الفَاحِـشِ المُتَشَـدِّدِ |
أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَـةٍ |
وَمَا تَنْقُـصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَـدِ |
لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَـى |
لَكَالطِّـوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَـدِ |
فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّي مَالِكـاً |
مَتَـى أَدْنُ مِنْهُ يَنْـأَ عَنِّي ويَبْعُـدِ |
يَلُـوْمُ وَمَا أَدْرِي عَلامَ يَلُوْمُنِـي |
كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ |
وأَيْأَسَنِـي مِنْ كُـلِّ خَيْرٍ طَلَبْتُـهُ |
كَـأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَـدِ |
عَلَى غَيْـرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِـي |
نَشَدْتُ فَلَمْ أَغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَـدِ |
وَقَـرَّبْتُ بِالقُرْبَـى وجَدِّكَ إِنَّنِـي |
مَتَـى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثـَةِ أَشْهَـدِ |
وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَـا |
وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَـدِ |
وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ |
بِكَأسِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَـدُّدِ |
بِلاَ حَـدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْـدَثٍ |
هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي |
فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرَأً هُوَ غَيْـرَهُ |
لَفَـرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَـدِي |
ولَكِـنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُوَ خَانِقِـي |
عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَـدِ |
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً |
عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ |
فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِـرٌ |
وَلَـوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَـدِ |
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ |
وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ |
فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِـي |
بَنُـونَ كِـرَامٌ سَـادَةٌ لِمُسَـوَّدِ |
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَـهُ |
خَشَـاشٌ كَـرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّـدِ |
فَـآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَـةً |
لِعَضْـبِ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّـدِ |
حُسَـامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِـهِ |
كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ |
أَخِـي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَـةٍ |
إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَـدِي |
إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِـي |
مَنِيْعـاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَـهِ يَـدِي |
وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِـي |
بَوَادِيَهَـا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَـرَّدِ |
فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَـةٌ |
عَقِيْلَـةَ شَيْـخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْـدَدِ |
يَقُـوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَـا |
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤَيَّـدِ |
وقَـالَ أَلا مَاذَا تَرَونَ بِشَـارِبٍ |
شَـدِيْدٌ عَلَيْنَـا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّـدِ |
وقَـالَ ذَروهُ إِنَّمَـا نَفْعُهَـا لَـهُ |
وإلاَّ تَكُـفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَـزْدَدِ |
فَظَـلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِـلْنَ حُوَارَهَـا |
ويُسْغَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَـدِ |
فَإِنْ مُـتُّ فَانْعِيْنِـي بِمَا أَنَا أَهْلُـهُ |
وشُقِّـي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَـدِ |
ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّـهُ |
كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَـدِي |
بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَـى |
ذَلُـولٍ بِأَجْمَـاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّـدِ |
فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي |
عَـدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّـدِ |
وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِـي |
عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِـدِي |
لَعَمْـرُكَ مَا أَمْـرِي عَلَـيَّ بُغُمَّـةٍ |
نَهَـارِي ولا لَيْلِـي عَلَيَّ بِسَرْمَـدِ |
ويَـوْمٍ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِـهِ |
حِفَاظـاً عَلَـى عَـوْرَاتِهِ والتَّهَـدُّدِ |
عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى |
مَتَى تَعْتَـرِكْ فِيْهِ الفَـرَائِصُ تُرْعَـدِ |
وأَصْفَـرَ مَضْبُـوحٍ نَظَرْتُ حِـوَارَهُ |
عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِـدِ |
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِـلاً |
ويَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَـارِ مَنْ لَمْ تُـزَوِّدِ |
وَيَأْتِيْـكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَـهُ |
بَتَـاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِـدِ |